جمعية الطوابع والمسكوكات العراقية
جمعية الطوابع والمسكوكات العراقية
جمعية الطوابع والمسكوكات العراقية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جمعية الطوابع والمسكوكات العراقية

تأسست سنة 1951 وتعتبر واحدة من اقدم الجمعيات العربية لهواة الطوابع والمسكوكات المعدنية والعملات الورقية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأختام الأسطوانية السومرية .

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
صادق الصافي
عضو فضي
عضو فضي
صادق الصافي


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 206
نشاط العضو : 580
تاريخ التسجيل : 13/10/2009
الموقع : مملكة النرويج - norway

الأختام الأسطوانية السومرية . Empty
مُساهمةموضوع: الأختام الأسطوانية السومرية .   الأختام الأسطوانية السومرية . I_icon_minitime2009-12-28, 03:48

الأختام الأسطوانية السومرية
---------------------

ان دراسة تحليلة للاختام الاسطوانية السومرية، باعتبارها ابداعات تشكيلية. تُظهر ان هذا (الابتكار) العظيم في تاريخ الفكر الانساني، هو (وليد) رقي الفكر، ونشاط الخيال، وتطور التقنيات ، ونضج النظم الاقتصادية والاجتماعية، في تلك الفترة العتيقة من التاريخ. فالختم الاسطواني (الموضوع) يفصح عن طبيعة المعتقدات والاعراف والشعائر والطقوس والقيم الاجتماعية السومرية . حيث وجدت منظومة هذه الافكار، معنى واثراً تعبيرياً اعمق، كانت تفتقر اليها. وهي خارج دائرة التمثلات الفنية . انها معادلة التمثيل والانعكاس ، بين ما يفصح عنه العمل التشكيلي من مضامين ، والاشكالات التي قادت الى ابداعه . فالتعبير المنبثق عن بنية الفكر الحضاري السومري والمتمثل بمثل هذه المُبدعات التشكيلية تبدا بهذه الفاعلية ، الا وهي استثارة تلك الانطباعات والافكار ، وهي الوسيط الهام لانتعاش مثل هذه المُدركات الروحية.

ويرتبط فن الاختام الاسطوانية في وظيفته، بجوهر المفاهيم والاعراف الاجتماعية . فهو بمثابة خطاب فكري تداولي بين الافراد، يعمل بمثابة اداة تواصل.عن طريق ضرب من التناغم التعاطفي والوجداني . وقد وجد صداه ، بشكل تمثلات ذهنية ثابتة. ذلك ان الطقوس والممارسات والشعائر الاجتماعية ، كانت تؤدي الى تفعيل اليات تثبيت الخبرة الاجتماعية لدى كل فرد في المجتمع السومري . الامر الذي قاد الى (توليد) عالم تؤلفه الرموز والكلمات، والمصطلحات ذوات الفهم الاجتماعي الواسع والعميق.

وفضيلة ذلك، هو ان (الانسان) في سومر، قد اوجد (حيزاً) ثقافياً ، حوله بتاثير من تفكيرهِ المبدع وعواطفه ، الى شكل معبر، عن دينونته وطقوسه وشعائره ومعتقداته . وبالتالي استحال الى وحدة روحية ذات صيغ جمعية في تجسيد الافكار. فالوعي هنا ، ينطلق مما هو داخلي واجتماعي وروحي، فتنبثق شرارته نشاطاً وفعلاً وابداعاً وخلقاً. فماهية المضمون في (الاختام) تعيش في بيئة ذات مدلولات ثقافية واجتماعية وسايكولوجية. تتبادل معها الاثر والتاثير بطريقة دينامية متفاعلة، من خلال اطار نوعي، اكتسب مضامينه من الخارج ، وهو مرتبط بالحالة العامة للتفكير، والتي وجدت خصوصيتها بهذه النوعية من (التمثلات) في التكيف الفكري لنوعية المهيمنات الخارجية.

يقوم الاقتصاد السومري بالدرجة الاساس على الزراعة ، ومع ذلك كانت هناك درجة ملحوظة للنشاطات الصناعية والتجارية والمعاملات المالية والائتمان، وباستطاعنا ان نستدل من الشرائع والقوانين السومرية، على ان التجارة والحرف اليدوية ومسك الدفاتر والائتمان ،كانت قد بلغت درجة عالية من التقدم في سومر. فقد كانت تجري معاملات مصرفية معقدة نسبياً، كالمدفوعات لطرف ثالث، والنسبوية المتبادلة للحسابات. وكان (المعبد) هو الوسيط الهام والمهيمن في تنظيم كل ذلك من النشاطات . وبغية تثبيت حقوق الافراد، وتنظيم عمليات البيع والشراء، والحفاظ على الممتلكات . كان ابداع (الاختام) لتوفر حلول لمثل هذه الاشكالات الاقتصادية. فلا غرابة ان يكون المعبد هو (المكان) الذي شهد اختراع اعظم منجزين يؤشران هوية الحضارة العراقية الا وهما الكتابة المسمارية والختم الاسطواني.

لم تكن فكرة الختم غريبة على العراقيين القدماء . ففي عصر قبل الكتابة الذي سبق الحضارة السومرية زمنياً . عرف العراقيون فكرة الختم (المنبسط) ، وهو بمثابة قطعة حجرية دائرية الشكل، تؤشر عليها مشاهد خطية هندسية بالنحت الغائر، فتترك طباعاتها واضحة على الطين. الا ان عظمة (الاختراع) السومري، هو نقل السطح التصويري من مساحته المستوية المحدودة الى سطح دائري، يًعلن عن بداية ويهمش النهاية، انه الامتداد الى مسافات لا تحدها حدود فضائية. فالختم الاسطواني لدى دحرجته، بامكانه ان يؤشر شريطاً تصويرياً حدوده المكانية تبدا من سومر وحتى اقصى بقاع الارض، وابعاده الزمانية، تبدا من (اور) وحتى بغداد الان. وفي المستقبل غير المنظور.

والختم الاسطواني ، عبارة عن قطعة حجرية ، مهندمة بعناية الى شكل اسطواني منتظم ، تنحت من احجار مختلفة الصلابة ومتنوعة الالوان، يتراوح طوله من (2-7سم) ، وقطره بين (2سم- بضعة ملميترات). ويكون مثقوب طولياً بثقب، يسمح بتمرير خيط، كي (يعلق) برقبة الاشخاص، باعتباره من المقتنيات الشخصية الملازمة لمعظم الافراد ، لاستخدامه بمثابة التوقيع الشخصي، لتاكيد حقوق وتميز الشخصية في البناء الاجتماعي. وينحت سطحه (الدائري) بمشاهد مختلفة المواضيع والطرز، فلكل فترة زمنية نوعية مواضيعها واساليب نحتها. وتنحت المشاهد عادة نحتاً غائراً ببراعة كبيرة . وبشكل شريط معكوس يعود فيلتقي مع بدايته. فاذا دُحرج (الختم) على الطين الطري، ترك طبعة المشهد واضحة، وبشكل صحيح . انه اقدم اختراع لتقنية الطباعة المعاصرة. واول اكتشاف لتقنيات انجاز المشهد في فن (الكرافيك).

وتقدم الاختام الاسطوانية خطابها (الوجودي) بدلالة صلابة الخامات، فالزمن، ذلك (البُعد) الذي اصاب الشخصية العراقية بالصميم. وأرقّها بمزيد من عدم التوازن السايكولوجي. كان يقدم بنيته (الانطلوجية) بدلالة البقاء ، والصمود امام عاديات الزمن، فبنية الاختام كانت حجرية في عمومها وجوهرها. اما تنوع اللون، فيدلل اولاً على سمو الذائقية الجمالية ورقيها لدى الشعب السومري من جهة، ويرتبط بدلالات رمزية في ثقافة الشخصية من جهة اخرى.في حين يكشف وضع الاختام داخل اغلفة ذهبية، او تزيينها بتماثيل رمزية صغيرة في الاعلى، عن اهمية الشخصية من الناحية الاجتماعية.

وتثيرتقنيات نحت سطوح الاختام الاسطوانية الصغيرة، اهتمام الفكر المعاصر حتى هذه اللحظة، فمن الصعب تصور انجاز مثل هذه المشاهد النحتية الدقيقة، دون استخدام انواع من (العدسات) المكبرة. الامر الذي يؤكد توفر انواع مختلفة من الادوات والالات الحجرية والمعدنية لحفرها، وكذلك وجوب توفر نوع من الخبرة والمراس والتجريب بهذا الخصوص.

وتؤكد الاختام تأريخيتها (كوثائق) من خلال اسطر الكتابة، التي تجتاز الفضاءات بين الاشكال، والتي تبلغ عن الاسماء ، والالهة المعبودة ، والادعية، ومراكز الشخصيات الاجتماعية ، وتوفر من جهة اخرى، قراءة علامية للمشاهد بدلالة اللغة. ومن هنا تاتي اهمية الاختام في الدراسات الاجتماعية لفنون التشكيل.

وتشير طبعات (السدادات) الطينية، للجرار الفخارية من معابد الالهة في الوركاء وجمدة نصر، في اوائل العصر السومري . الى ان الختم الاسطواني (الموضوع) قد لاقى انتشاراً اجتماعياً واسعاً ، وان موضوعاته في هذه المرحلةتشير الى (سطوة) المعبد على مجمل الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية. فقد كانت طبيعة الفكر الحضاري توحي بدلالات جمعية، وكانت مطامح الفكر ومخاوفه واحدة، وتعمل بذاتية متشابهة ازاء القوى المهددة والمساندة للوجود. حيث تقدم احدى طبعات الاختام الاسطوانية من الوركاء والمحفوظة حالياً في متحف برلين ، مقولتها عن الحياة اليومية للساكنين في سهول سومر الفسيحة التي تتقاطعها القنوات . حيث يُمثل مشهد الختم زورقاً يسيره (ملاحان). وفي نهايتيه الامامية والخلفية، اشكالُ رمزية ، استعيرت من اشكال نباتية ، وتم توظيفها بوصفها ابلاغات عن ايدلوجيا المعتقدات الدينية، فالزورق هنا قدسي ، انه زورق الاله ، بفعل تاطيره بالرموز الدينية.

ويتوسط المشهد شخصية مهيمنة على المشهد بدلالة الحجم والدور، انه حاكم دويلة المدينة، والذي عليه ان يقدم مذبحاً جديداً وبوابة لمعبد الالهة (إنانا) بدلالة حزمتي القصب المعقوفتين. وقد حمل المذبح بشكل متوازن دقيق، على ظهر ثور، والذي يحتمل ان يُضحى به على المذبح الذي يحمله. وفي مثل هذه الاجواء المايثلوجية ، تؤكد منظومة الرموز الفاعلة في المشهد، على انها قدحررت من اشكالها الطبيعية المالوفة، لتؤدي فعلها في الوسط الحضاري (رموزاً) للتعبيرعن آمال وطموحات ومعتقدات الانسان السومري. والذي (ادرك) ان سر وجوده مرتبط بقرارات قوى وهمية.

وعندما يتبدى (الكوني) امام الانسان بشكل تساؤلات ، فان شكلاً ما يَتولّد، وهذا الشكل نسميه اسطورة. وبما ان الاسطورة هي تكثيف واختصار للكوني، فانها تشكل اساساً هاماً من اسس تطور الفكر الانساني. والرموز تجد عادة تربتها الخصبة في الاساطير. ذلك ان مشهد احد الاختام الاسطوانية من الوركاء، يمثل صراع كائنات اسطورية ، في حين يهيمن على المشهد طائر كاسح .

وفي الوقت الذي يقدم به المشهد ، خطابه التقني بدلالة انواع المثاقب المختلفة، التي استخدمت في انجازه، فانه من ناحية اخرى، يثير اهتمامات الفكر المعاصر، بالخيال الخصب والمتعالي، في ابتكار اشكال مثل هذه الكائنات، والتي لا نجد لها مثيلاً في الطبيعة السومرية، فهي كائنات من ابداع بنية لا شعورية ، تتصل بالمغيبات وعوالم الاحلام والهلوسة. ومع ذلك فانها تعني ببساطة ما تقول، فهي تخفي معنى حقيقياً تحت معناها الظاهر. انها ذات اثر علاجي (نفسي) في الذين امنوا بها من السومريين، ذلك انها تفسر للحائرين منهم، ما يجري في لاوعية، وبما يبقيه متماسكاً.

ولسنا بحاجة لان نعيد (القول) عن مشاهد الاختام الاسطوانية، التي تصور بطلاً ينبري لصراع قوى الموت المتمثلة بالاسود، الا ان المهم فيها، هو ان فكرة البطل والبطولة في الفكر السومري، تدلل على اطراد، عمليات تمايز الافراد داخل الجماعة، واقامة تنظيم اجتماعي داخلي محدد من جهة ، ومن جهة اخرى، "فان هذه الوحدات التصويرية ، على الرغم من اقتصاديتها اللغوية، فانها تخفي قدرة تكاثرية، يمكنها الظهور في المستويين الدلالي والشكلي". (المقداد، ص 83) ولعل هذا يفسر تحول الاسطورة الى ملحمة ، في داخلية كل مواطن سومري. فالاشياء اكثر تعقيداً وغرابة، مما هي عليه في الواقع.

ولعل اكثر مشاهد الاختام الاسطوانية تداولاً في المجتمع السومري ، هي مشاهد تروات (الالهة) من القطعان الحيوانية . حيث يؤكد تكرار الاشكال ، الى التعبير عن تناسلها المستمر الى ما لا نهاية. و هذه الاستعاضات الرمزية المرتبطة بارهاص التوفر الغذائي و النشاط الاقتصادي ، تجد ديمومتها في طقوس قائمة على الاعراف الاجتماعية. فحين يرتبط الشكل الحيواني بعائديته للاله، فانه يرتحل من عالمه الفيزيائي، نحو عوالم الميتافيزيقيا. انها مفاهيمنا عن المعقول او اللامعقول. اما عند السومريين فان الفكرة سيالة، فان ما هو ارضي يمكن ان يرتحل الى عالم الميتافيزيقيا ، شريطة ان يغدق عليه (المغيب) بعضاً من خصوصياته، و لتكن العائدية مثلاً.

والشيء المثير للدهشة ، في مشاهد القطعان الحيوانية هذه، هو ان اشكالها قد شهدت متحولاً في الاسلوب، من الواقعية في اوائل الفترة السومرية نحو التجريد في اواسط العصر السومري(عصر فجر السلالات الاول).

ذلك ان (المضامين) الفكرية القدسية بفعل ضغوطها المهيمنة، تقضي بتمثيل المشاهد، بالاسلوب الواقعي المحاكي لاشكالها في الطبيعة اولاً. ثم تؤول ومع تقادم الزمن، الى فقدان خصوصياتها الواقعية في سماتها الشكلية . بفعل عوامل التحوير والاختزال والتبسيط، فتكتسب اشكالاً، رغم وجود حالة من الارتباط مع نماذجها الاولى بصدد سمات الاشكال الموضوعية. الا انها تكون قد دخلت عوالم التجريد . وهنا تستحيل الاشكال الى مجرد (رموز)، وهي رغم فقدانها الاتصال بالواقع بصدد مشابهاتها (الطبيعية)، الا انها تبقى عظيمة وحية الفاعلية في قيمها الروحية الاجتماعية.

واطلق (كوبلر): " على هذه الظاهرة، اسم المتتابعة، الشكلية التاريخية في خصوصيات الاشكال من النواحي الفنية" (كوبلر،ص76)، . وان ظاهرة التحوير هذه، والتي تدخل على الاشكال، قد تكون تدريجية ، او تكتسب طابع التحول السريع، بحيث يصعب الربط مع اصولها الاولى واشكالها التجريدية التي آلت اليها.

ونظراً لما تمتلكه هذه الخصوصية في تحولات الاسلوب من اهمية. لذا سنحاول ترجيح بعض المبررات لهذه الظاهرة. ويدور افتراضنا الاول حول تعدد الاشخاص، ممن ينفذون هذه المشاهد. فقد يقود تفاوت المستوى المهاري الفني، في ظاهرة تقليد الاشكال الفنية، من قبل اشخاص مقلدين اخرين، دخول بعض التحوير الذي يصيب الاشكال كعناصر تصويرية، وذلك بعدم التزام جانب الدقة في التقليد، مما يوجد بعض الاختلاف عن النماذج القياسية عبر الزمن، حيث تتاكد مثل هذه الاختلافات.

اما الافتراض الاخر، فقد عبر عنه (كوبلر) بعبارة : " ان الالفة الزائدة تورث الاستخفاف" (كوبلر ، ص151). حيث يؤدي التعايش اليومي مع نفس الاشكال ، الى خلق حالة من الكلل لدى الفنان. لما من شانه، ان يدعو الى البحث عن اشكال جديدة، مع الاحتفاظ بذات المعنى.

واضافة الى ما تقدم، يمكننا ان نرجح ايضا، حلاً اخر لوجود هذه الظاهرة. وهو ان اهتمام الفنان (بالمضامين) الاجتماعية المقدسة لهذه الاشكال، قد جعل فكرة (المبدع) مركزة، بصدد المضمون على حساب الشكل . طالما ان صفة القدسية ملازمة للاشكال المصورة ، رغم التحويرات التي تدخل عليها بسبب نسخها ربما لمئات المرات.

وتبريرنا الاخير، فيرتبط بظاهرة تطور الوعي بالفكر الديني في المفاهيم الاجتماعية. الامر الذي (اوجد) ضرورة مُلحة لابداع اشكال تجريدية مطلقة، للتعبير عن ظواهر مطلقة. ترتبط بعوالم القوى الغيبية، حيث تدعو الحاجة، الى التحرر من النموذج، وصولاً الى البناء الشكلي الرمزي الخالص في مخاطبة القوى العليا، التي يصعب التكهن بارادتها.

ان اكثر المواضيع انتشاراً في مشاهد الاختام الاسطوانية، هي اكثرها تداولاً في بنية الفكر الاجتماعي. ومع اننا لن نجبر.النص (الموضوع) على قول ما لا يريد قوله، ولن نحمله ما لا يوجد فيه، ولن نفرض عليه وجهة نظرنا المُسّبقة. وبالمقابل فاننا لن (ندفن) انفسنا في النص. فان السمة المميزة لموضوعات الاختام الاسطوانية السومرية، هو ما يُعرف بشريط الاشكال. حيث يقاتل بطلان قوى الهلاك الكامنة في (رمز) الاسد، حماية لعدد من الحيوانات الاليفة .

ان بين (الادبي) والاجتماعي هناك تداخل حتمي، وتقنية النص (الختم) لا تتعارض على الاطلاق مع ما هو خارج النص، او مع ما يحيط به. والحقيقة انه لا معنى للتحليل، أي تحليل، اذا لم ياخذ هذه العوامل مجتمعة بعين الاعتبار. فقد نشات ملحمة كلكامش بشكل اناشيد واقاصيص قصيرة، كانت تُروى يومياً في اسواق الوركاء ومعابدها وشوارعها. فقد شهدت اقبالاً اجتماعياً سايكولوجياً، مَرده الى ميل الذائقية للنصوص المايثلوجية ، بغية ايجاد حلول ميتافيزيقية لقلق الذات الجمعية.

ويمكن ايجاد مقاربات شكلية لصورة البطلين، بان احدها كلكامش والاخر صديقة انكيدو. حيث يظهر كلكامش بهيئة بطل اسطوري، له شعر راس ينتهي بسبع (عكنات) سميكة، ويتمنطق بحزام سميك من ثلاث حلقات .ويؤكد (النص) في الملحمة الخالدة، صفات كلكامش البطولية الخارقة:- جعل الالهة العظام صورة كلكامش تامة كاملة، كان طوله احد عشر ذراعاً، وعرض صدره تسعة اشبار، وهيئة جسمه مخيفة كالثور الوحشي، وفتك سلاحه لا يضاهيه ويصده شيء، وعلى ضربات الطبل تستيقظ رعيته .

اما صورة انكيدو في النصوص (الاختام)، فتبدو اكثر تعقيداً من صورة كلكامش . ذلك انها تتميز بالتركيب ، أي الجمع بين شكلين، لاستنتاج شكل جديد، يُفعّل الدلالة في بنية النص، بدلالة عمق التاويل. فنصفه الاسفل شكل ثور، والاعلى على هيئة بطل (مُقرن) بزوج من القرون . ولعل ذلك يتطابق مع التوصيف (الملحمي) لهيئة انكيدو في الملحمة: -يكسو جسمه الشعر الكث، وشعر راسه كشعر المراة، ونمت فروع شعر راسه جدائل كشعر (نصابا)، لا يعرف الناس ولا البلاد، ومع الظباء ياكل العشب.

ويستمر (النص الملحمي) في وصف نشاط انكيدو: - اخذ سلاحه وانطلق يطارد الاسود ليريح الرعاة في المساء، اصطاد الذئاب وقهر الاسود، فاستطاع الرعاة ان يهجعوا في الليل مطمئنين، صار انكيدو حارسهم وناصرهم ، انه الرجل القوي والبطل الاوحد . ومع ان القراءة (التعرفية) للنص تدور حول صراع بين بطلين اسطوريين مع حيونات قاتلة ، حماية لحيوانات اليفة. الا ان البنية العميقة للافكار، تعقد (تقابلات) بين قوى تنشد الديمومة والبقاء ، وقوى تريد الدمار والعدم. وربما تؤدي حفرياتنا في بنية النص، الى استنتاج مبادىء كونية، هي ديمومة الكوني، بانتصار قوى الخير على قوى الشر. تلك المبادىء التي حررها (نيتشة)في بنية الصراع الكوني بين الابولونية والديونسسية .

ولعل المثير ايضا، في تكوينات ما يُعرف بشريط الاشكال السومري ، هو تلك الرؤية الجمالية، التي تميز (التكوين) في مثل هذه المشاهد الاسطورية. فقد كانت الحاجة (ملحة) للارتقاء بالحدث من الفيزيائي الى الميتافيزيقي، الامر الذي جعل الفنان السومري المُبدع، يوقف الاشكال ذوات القوائم الاربعة على قوائمها الخلفية، بغية تاسيس تقابلات شكلية مع شكلي البطلين في احداث الصراع . ولغرض حشد اكبر عدد من الوحدات التصويرية في بنية التكوين ، فانه كان يعمل على تقاطع اجسام الوحدات التصويرية في الحدث ، الامر الذي اكسب التكوينات صفة رومانتيكية في تأجج الصراع، وبما يتفق مع الصفة الملحمية للحدث، والمتداولة في الفكر الاجتماعي.

واخيراً فان المثير للجدل، في تقنيات انجاز تكوينات مثل هذه المشاهد المليئة بمثل هذه الحشود من الوحدات التصويرية، هو كيفية انجازها على مساحة حجرية لا تتجاوز السنتمترين ، حيث تحفر الاشكال بشكل معكوس، وبوسائل يدوية. انها العبقرية السومرية الخالدة في ذاكرة الاجيال ، والتي قد لا تتكرر مهما طال الزمن.





البروفسور - زهير صاحب - أستاذ تأريخ الفن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جمعية الطوابع العراقية
مدير المنتدى
مدير المنتدى
جمعية الطوابع العراقية


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 2451
نشاط العضو : 3975
تاريخ التسجيل : 11/10/2009
الموقع : بغداد - بريد القشلة - العراق

الأختام الأسطوانية السومرية . Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأختام الأسطوانية السومرية .   الأختام الأسطوانية السومرية . I_icon_minitime2010-01-01, 19:44

لقد كان لدي في وقت ما في سنة 1999 ختم اسطواني قد وجده احد اصدقائي في صندوق توارثه عن جده وكان خائفا ان يقدمه الى المتحف العراقي لكون امتلاك اثر او قطعة اثرية والمتجارة بها في ذلك الوقت عقوبته الاعدام وكنت اعرف موظفا او خبيرا بالاثار العراقية اسمه ابو نور والرجل قد فحص الختم و تبين انه مزور و ليس اصلي , لقد جربت الختم على قطعة من عجين وكانت الصورة مبهرة جدا وهي ان الملك عشتار جالس يسلم وثيقة الى ملك واقف اعتقد انه حمورابي . وكانت روعة في الابداع الفني , والاختام هذه كانت قبل 6000 سنة قبل الميلاد مما يدل على عظم الحضارة في ذلك الوقت
شكرا استاذ صادق على مواضيعك الرائعة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.iraqphilcoins.com
صادق الصافي
عضو فضي
عضو فضي
صادق الصافي


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 206
نشاط العضو : 580
تاريخ التسجيل : 13/10/2009
الموقع : مملكة النرويج - norway

الأختام الأسطوانية السومرية . Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأختام الأسطوانية السومرية .   الأختام الأسطوانية السومرية . I_icon_minitime2010-01-17, 02:12

تحيتي لك أخي الأستاذ سعد
شكرا لأطلاعك و تعليقك الرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بشار خيري
عضو جديد
عضو جديد



الجنس : ذكر عدد المساهمات : 3
نشاط العضو : 4
تاريخ التسجيل : 16/03/2010

الأختام الأسطوانية السومرية . Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأختام الأسطوانية السومرية .   الأختام الأسطوانية السومرية . I_icon_minitime2010-03-18, 13:45

تقرير جميل وجدا ومعلومات مفيدة جدا...
شكرا لهذا السعي المبارك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hydrani
مشرف
hydrani


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 2748
نشاط العضو : 3144
تاريخ التسجيل : 14/09/2011

الأختام الأسطوانية السومرية . Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأختام الأسطوانية السومرية .   الأختام الأسطوانية السومرية . I_icon_minitime2012-05-21, 13:47

مشكور اخي صادق عل الموضوع الجميل و الرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأختام الأسطوانية السومرية .
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحضارة السومرية -summarian
» لقاء مع الاخ احمد الهلالي عضو جمعيتنا مع السومرية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جمعية الطوابع والمسكوكات العراقية :: العــــــــامة :: المواضيع والاحداث العالمية العــــــــــامة :: قسم الحضارات والتاريخ-
انتقل الى: