الأمارات توثق تأريخها بالنقود القديمة والمسكوكات .
تعد عملية أرشفة النقود وتوثيق مصادرها عملية مهمة لحفظ هوية الدول و مخزونها الثقافي و الحضاري. وفي دولٍ شهدت حقبات متعاقبة من الأستعمارات والأحتلالات والغزوات وتتالت على ادارة شؤونها امبرطوريات وزعامات متعددة، فإن تحليل اشكال النقد المتدوال تتيح للباحث التاريخي فرصة توثيق هذه المراحل، لأنه غالبًا ما يعمد المنتصر بعد فرض نفوذه السلطوي والعسكري المباشر، الى فرض رموزه الثقافية والاقتصادية التي من شأنها ان تطبع المرحلة بطابعه مما يوثق شرعيته السياسية في ممارسة السلطة.
وبحكم المناخ الصحراوي القاسي لم تكن دول الخليج العربي لا سيما المناطق الداخلية منه، مطمع المستعمر او المحتل بحكم افتقارها للثروات النباتية وشح المياه فيها، فكان في غالب الاحيان يتم الاستيلاء على المدن الواقعة على المنافذ البحرية للانطلاق منها نحو الهند وفارس .
وقد شكلت الأمارات الشمالية الواقعة على ساحل عمان الشمالي مرافئ مهمة ونقطة أستراحة للبحارة وصيادي اللؤلؤ، حيث كانت دبي تشكل معبرًا تجاريًّا ونقطة أنطلاق مهمة نحو دول الشرق الاقصى، وقد أستخدمها الغزاة مقرًّا لأنشاء القواعد العسكرية والتجارية على حدٍّ سواء، لذلك فقد كانت تُتَداول فيها عملات متنوعة ومتعددة التي غالبًا ما كان يجلبها التجار معهم من بلادهم .
وفي سياق توثيق تأريخ المنطقة من خلال أرشفة المسكوكات قامت بلدية دبي بتخصيص متحف متخصص بالنقود في إحدى مباني المنطقة التاريخية التي تقع في بر دبي في حيّ "البستكيّة الأثري.
هذا البيت التراثي كان يمتلكه -التاجر محمد صالح فكري - وهو يتكون من طابقين ويعود تاريخ أنشائه لاوائل القرن الماضي وتحديدا عام 1917 ويقع في المنطقة الشمالية من حي البستكية المطل على خور دبي .
ايلاف شهدت عملية تجهيز المبنى رقم 71 الذي جاء ترميمه وفق خطة متكاملة أشرف عليها المهندس رشاد محمد بوخش مدير إدارة المشاريع العامة في بلدية دبي الذي أشار الى ان ترميم المبنى جاء في اطار خطة متكاملة وضعتها الدائرة لترميم جميع المباني التاريخية في مناطق البستكية والشندغة والراس وحتا وبعض المناطق الأخرى من دبي، ومن ثم تأثيثها حسب الأستخدام المخصص بغرض التنمية السياحية لتلك المناطق، مؤكدًّا انه تم أنتهاء التجهيزات اللازمة لمتحف المسكوكات وسيتم الأعلان عن الأفتتاح الرسمي في أقرب فرصة حيث سيكون متاحًا للسواح وجميع الزائرين .
ويحتوي المتحف على مختلف أنواع النقود اِبتداءً من عصر الخلفاء الراشدين إلى زماننا الحالي ومن المتوقع أن يتم افتتاح المتحف قريبا .
متحف النقود هذا يحتوي على عدة أقسام وتعرض في القسم الأول معلومات عن تاريخ العملة ابتداء بالمقايضة والسلعة الوسيطة إلى انتقال صناعة العملة إلى العالم بالإضافة إلى أولى النقود ونقود الدولة الليدية ونقود الدولة اليونانية والرومانية ونقود شمال وجنوب الجزيرة .
اما القسم الثاني فيضم 16 قطعة من الدراهم الساسانية المعربة التي تداولت في عصر الخلافة الراشدة والخلافة الأموية ،
القسم الثالث يحتوي على 64 قطعة من الدنانير والدراهم من الخلافة الأموية من عصر الخليفة عبد الملك بن مروان وحتى سقوط الخلافة عام 132هـجري في عهد آخر خليفتها مروان بن محمد.
ويعرض القسم الرابع 113 قطعة من دنانير ودراهم من الخلافة العباسية بدءً من عصر الخليفة أبو العباس السفاح مؤسس الخلافة العباسية وانتهاءً بسقوط الخلافة في عهد آخر خليفتها المعتصم بالله.
ويضم القسم الخامس 44 قطعة من نقود مصر وبلاد الشام في عهد الدولة الطولونية والأخشيدية والفاطمية والأيوبية والممالك البحرية والبرجية والخلافة العثمانية.
وفي القسم السادس يتم عرض 88 قطعة من النقود من الدويلات في المشرق الإسلامي ونقود تعود إلى عهد الصّفارية والساماشية والغزنوية وألباوند والقرخانية والبوهوية والسلاحيكة.
ويضم القسم السابع 21 قطعة من نقود من شمال إفريقيا والأندلس منها نقود الدولة الأموية في الأندلس والأغالبة وبنوزيري والموحدين والخلافة العثمانية.
ويضم القسم الثامن 108 قطع من نقود الجزيرة العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة.خلال تعاقب الدول ومنها الدولة الروسية والدولة الزيادية والدولة الصليحية والدولة الزرعية والدولة الرسولية.
ويعدّ هذا المتحف من أهم انجازات بلدية دبي، لا سيما واِن أدارة المشاريع تسعى للتوفيق بين التطور العمراني المتنامي السريع وتراث المدينة العريق.
-----------------------------------------------------------------------
لمصدر -
أيلاف - مروه كريدية - من دبي