افتتح المتحف الوطني الجزائري للآثار القديمة والفنون الإسلامية جناحا جديدا لعرض المسكوكات القديمة, يتناول مختلف الحضارات التي تعاقبت على الجزائر وخصوصية كل مرحلة من خلال معالم نقودها.
ويعتبر المتحف الوطني للآثار القديمة أول متحف من نوعه في الجزائر وأفريقيا، وهو يقدم العملة كسجل للحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية.
تبادل تجاري
قالت حورية شريد مديرة المتحف "خصوصية القاعة أنها تحتوي على مجموعات كاملة من المسكوكات تتميز بندرتها "وامتلاك المتحف هذه المجموعة الهامة من العملات يسمح بتسطير كل المراحل التاريخية التي تعاقبت على الجزائر ابتداء من الفترة البونية (400 ق م) إلـى فترة الحاكم أحمد باي (1838) ".
وإلى جانب كل العملات التي ضربت عبر العصور عرض المتحف مجموعة من السنج -آلة لقياس صحة العملة وأصالتها- وقوالب السك التي تعود إلى عهد المرابطين, وهو أقدم قالب ضرب في الجزائر.
وتقول شريد "هناك عملات ضربت في المغرب العربي نجدها في المشرق والعكس صحيح، وهذا دليل على وجود تبادل تجاري في المنطقة خلال الحقب المختلفة".
وأصدر المعرض دليلا لكل المسكوكات به دراسات لباحثين جزائريين مختصين.
وبهذا يصبح للجزائر -حسب مديرة المتحف- أول وثيقة كاملة وشاملة تتضمن مميزات العملات الجزائرية, يتعرف الباحث ومن خلال دراستها على اسم الحاكم وصورته وما كان موجودا من حيوانات وأيضا الجانب الاقتصادي واللغة المستعملة.
وتتراوح المعادن المستعملة بين البرونز والنحاس، أما العملات الذهبية فكانت حكرا على روما.
سجل تاريخي
وأشارت مديرة المتحف إلى أن الوضع تطور في الفترة الإسلامية وجرى استخدام الذهب في سك العملة في مدن كبجاية وتلمسان والجزائر العاصمة, ما يعكس حسب قولها قوة الدولة, فـ"كلما كانت قوية ضربت العملة من معدن الذهب الذي يعد دليل رخاء واستقلالية، في حين أن البرونز يدل على التبعية".
من جهتها قالت أمل سلطاني رئيسة البحث والمحافظة على التراث بالمتحف الوطني للآثار القديمة والفنون الإسلامية -تحضر لنيل درجة الدكتوراه في مسكوكات ما قبل الرومان- للجزيرة نت "يهدف المعرض إلى تسليط الضوء على الحقب التاريخية التي مرت بها الجزائر من خلال استعراض النقود القديمة".
وأضافت "كانت بداية سك نقود شمال أفريقيا بالنقود البونية 145 هجرية وضربتها قرطاج وإن تأخرت مقارنة بروما", وعرفت عملة تلك الفترة باسم الشيكل وتحمل على أحد وجهيها صورا آدمية وحيوانية ونباتية.
وفيما يتعلق بالنقود النوميدية تقول سلطاني إنها "ضربت من ملوك مدن تحظى بالاستقلالية, ويعتبر الملك مسينيسا أول من ضرب النقود النوميدية التي تحمل اسمه وصورته ذات الملامح الإفريقية وعلى الوجه الآخر صورة الحصان في حركات مختلفة", في حين تظهر صورة يوبا الثاني شبيهة بالرومان لأنه تربى في روما وتأثر بثقافتها.
وأوضحت سلطاني أن القطعة النقدية تحمل كثيرا من المعلومات فـ"بإمكاننا معرفة الجانب العسكري والاجتماعي وكذلك الاقتصادي", وتضرب مثلا طبْع السنابل الذي يدل على أن المدينة كانت غنية بالقمح.
المصدر: الجزيرة
من الجزائر