جمعية الطوابع والمسكوكات العراقية
جمعية الطوابع والمسكوكات العراقية
جمعية الطوابع والمسكوكات العراقية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جمعية الطوابع والمسكوكات العراقية

تأسست سنة 1951 وتعتبر واحدة من اقدم الجمعيات العربية لهواة الطوابع والمسكوكات المعدنية والعملات الورقية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ضرب النقود في الأسلام ..

اذهب الى الأسفل 
5 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
صادق الصافي
عضو فضي
عضو فضي
صادق الصافي


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 206
نشاط العضو : 580
تاريخ التسجيل : 13/10/2009
الموقع : مملكة النرويج - norway

ضرب النقود في الأسلام .. Empty
مُساهمةموضوع: ضرب النقود في الأسلام ..   ضرب النقود في الأسلام .. I_icon_minitime2009-12-25, 11:36

-------------------
ضربُ النقود في الإسلام
------------------

يقول المؤرخون : إن عبد الملك بن مروان ، هو أول من ضرب النقود في الإسلام . و يوردون في سرِّ ذلك حكاية طويلة نلخصها بما يلي :
إن الكسائي دخل على الرشيد فوجد بين يديه مالاً كثيراً ، فأمر بتفريقه في خدمة الخاصة . و كان بيده درهم تلوح كتابته ، و هو يتأمله .
فقال : هل علمت أول من سن هذه الكتابة في الذهب و الفضة ؟
قال الكسائي قلت : يا سيدي هو عبد الملك بن مروان .
قال : فما كان السبب في ذلك ؟
قلت : لا علم لي غير أنه أول من أحدث هذه الكتابة .
فقال الرشيد : سأخبرك . . كانت القراطيس [1] للروم .
قال : و كان أكثر من بمصر نصرانياً على دين ملك الروم ، و كانت تلك القراطيس تطرز بالرومية ، و كان طرازها :
" باسم الأب ، و الابن ، و روح القدس " .
فلم يزل كذلك صدر الإسلام كله يمضي على ما كان قبله ، حتى أيام عبد الملك ؛ فتنبه له ، و كان فطناً . . . فعندما ترجم له : أنكره ، و قال : ما أغلظ هذا في أمر الدين و الإسلام . . إلى أن قال : فكتب عبد الملك لعامله على مصر : عبد العزيز بن مروان يأمره بإبطال ذلك الطراز ، على ما كان يطرز به من ثوب و قرطاس و ستر و غير ذلك ، و أن يأمر صناع القراطيس : أن يطرزوها بصورة التوحيد : "شهد الله أنه لا إله إلا هو" .
و كتب إلى عمال الآفاق جميعاً بإبطال ما في أعمالهم من القراطيس المطرزة بطراز الروم ، و معاقبة من وُجد عنده بعد هذا النهي شيء بالضرب الوجيع ، و الحبس الطويل . .
فلما ثبتت القراطيس بالطراز المحدث بالتوحيد ، و حمل إلى بلاد الروم ، و منها انتشر الخبر ، و وصل إلى ملكهم ، فترجم له ذلك الطراز الإسلامي ؛ فأنكره و غلظ عليه ، و استشاط غيظاً . . فكتب إلى عبد الملك يطلب منه أن يرجع الطراز إلى حالته الأولى ، و أرسل إليه بهدية .
فرد عبد الملك الهدية و الرسول ، و أعلمه أن لا جواب له .
فأضعف ملك الروم الهدية ، و أرجع الرسول إلى عبد الملك ، و معه رسالة أخرى فرد عبد الملك الهدية و الرسول ، و لم يجبه أيضاً .
فغضب ملك الروم ، و كتب إليه : أنه يقسم بالمسيح : "لتأمرنّ برد الطراز إلى ما كان عليه ، أو لآمرن بنقش الدراهم و الدنانير ؛ فإنك تعلم أنه لا ينقش منها شيء إلا ما ينقش في بلادي ؛ فينقش عليها شتم نبيك الخ . ." .
فلما قرأ عبد الملك الكتاب صعب عليه الأمر ، و غلظ ، و ضاقت عليه الأرض و قال : " أحسبني أشأم مولود ولد في الإسلام ؛ لأني جنيت على رسول الله ( ص ) من شتم هذا الكافر ما يبقى غابر الدهر ، و لا يمكن محوه من جميع مملكة العرب " إذ كانت المعاملات تدور بين الناس بدنانير الروم ودراهمهم .
فجمع عبد الملك أهل الإسلام ، و استشارهم ؛ فلم يجد عند احد منهم رأياً يعمل به .
فقال له روح بن زنباغ : إنك لتعلم المخرج من هذا الأمر ، و لكنك تتعمد تركه .
فقال : ويحك ؟ من ؟ .
فقال : عليك بالباقر من أهل بيت النبي ( ص ) .
قال : صدقت ، و لكنه ارتج علي الرأي فيه .
فكتب إلى عامله بالمدينة : أن أشخص إلى محمد بن علي بن الحسين مكرماً ، و متعه بمأتي ألف درهم لجهازه و بثلاثمائة ألف درهم لنفقته ، و أزح علته في جهازه ، و جهاز من يخرج معه من أصحابه .
و حبس رسول ملك الروم عنده إلى موافاة محمد بن علي . فلما وافاه أخبره الخبر .
فقال الباقر : لا يعظم هذا عليك ؛ فإنه ليس بشيء من جهتين :
إحداهما : إن الله عز وجل لم يكن ليطلق ما تهدد به صاحب الروم في رسول الله ( ص ) .
و الأخرى وجود الحيلة فيه . . فقال عبد الملك : و ما هي ؟! .
قال : " تدعو في هذه الساعة بصناع يضربون بين يديك سككاً للدراهم و الدنانير و تجعل النقش عليها سورة التوحيد ، و ذكر رسول الله ( ص ) :
أحدهما : في وجه الدراهم و الدنانير .
و الآخر : في الوجه الثاني . و تجعل في مدار الدراهم و الدنانير ذلك البلد الذي يضرب فيه ، و السنة التي تضرب فيها تلك الدراهم و الدنانير .
و تعمد إلى وزن ثلاثين درهماً عدداً ، من الثلاثة الأصناف : التي العشرة منها عشرة مثاقيل ، و عشرة منها وزن ستة مثاقيل ، و عشرة منها وزن خمسة مثاقيل . . فتكون أوزانها جميعاً واحداً و عشرين مثقالاً ، فتجزئها من الثلاثين ؛ فتصير العدة من الجميع وزن سبعة مثاقيل . و تصب سنجات من قوارير ، لا تستحيل إلى زيادة و لا نقصان ؛ فتضرب الدراهم على وزن عشرة ، و الدنانير على وزن سبعة مثاقيل . ." .
و كانت الدراهم في ذلك الوقت إنما هي الكسروية ، التي يقال لها اليوم : " البغلية " ؛ لأن رأس البغل ضربها لعمر بن الخطاب بسكة كسروية في الإسلام .. منقوش عليها صورة الملك ، و تحت الكرسي مكتوب بالفارسية " نوش خُر " أي كل هنيئاً . و كان وزن الدرهم منها قبل الإسلام مثقالاً ، و الدراهم التي كان وزن العشرة منها وزن ستة مثاقيل ، و العشرة وزن خمسة مثاقيل هي " السيمرية " الخفاف و الثقال ، و نقشها نقش فارس .
ففعل عبد الملك ذلك . .
و أمره الباقر : أن يضرب السكك في جميع بلدان الإسلام ، و أن يتقدم إلى الناس في التعامل بها ، و أن يتهددوا بقتل من يتعامل بغير هذه السكك ، من الدراهم و الدنانير و غيرها . و أن تبطل ، و ترد إلى مواضع العمل حتى تعاد على السكك الإسلامية .
ففعل عبد الملك ذلك ، ورد رسول ملك الروم إلى آخر القصة .
و قال الرشيد للكسائي في آخرها : و ثبت ما أشار به محمد بن علي بن الحسين إلى اليوم [2] .
هذه هي القصة التي أوردوها لإثبات : أن عبد الملك هو أول من ضرب الدراهم و الدنانير في الإسلام .
و لكن هذه الرواية لا تخلوا من مآخذ هامة ، تجعلنا نقف منها موقف الحذر و ذلك لأننا حتى لو غضضنا النظر عن :
1. أنه يفهم من هذه الرواية : أن الرشيد وحده هو الذي أزاح الستار عن هذه الأحداث الهامة ، و التي تشتمل على مادة خصبة للرواة و نقلة الأخبار ، و التي تنص على تلك المكاتبات بين عبد الملك ، و ملك الروم ، و شيوع أمر تغيير الطراز حتى وصل الخبر إلى ملك الروم ، ثم جمع عبد الملك لأهل الإسلام و استشارته لهم و الأهم من ذلك التجاؤه إلى خصومه و خصوم عرشه " أهل البيت " لحل هذه المشكلة حتى لقد قال جرجي زيدان : " فلم يشأ أن يستنجد أحد أئمة بني هاشم ـ و هم مناظروه في الملك ـ لكنه لم ير بدا من استقدامه الخ . . " .
فكيف بعد ذلك كله ينحصر مصدر الرواية بالرشيد ، عدو الأمويين و أهل البيت معاً ؟! أم يمكن أن يكون الناس قد خافوا من الأمويين ، ثم من العباسيين و حتى الكسائي ـ خافوا ـ أن يظهروا أمراً يتضمن فضيلة لأحد أئمة أهل البيت ؟! .
فكيف إذن . . وصلت لنا فضائل علي و سواه من أهل البيت عليهم السلام رغم اجتهاد الامويين و غيرهم في طمسها و نقضها ؟! .
2. إن الرواية تنص على أن أهل مصر كان أكثرهم نصارى . . مع أنه كان قد مضى على فتح مصر أكثر من نصف قرن ؟!! .
3. تنص الرواية على أن عبد الملك لم يجب ملك الروم على رسالتيه في أمر الطراز . . و هو أمر غريب !! فلماذا لا يجيبه حتى و لو بالنفي ؟!! .
4. يلاحظ : أن الرواية تحاول التأكيد على فطانة عبد الملك ، و على غيرته الشديدة على الإسلام . . فهل يفهم من هذا أنه كان أغير ، و أفطن من الخلفاء الذين سبقوه ، فهو أكثر فطنة من الخليفة الثاني عمر ، الذي تنص الرواية نفسها على أن أبا البغل قد ضرب الدراهم الكسروية له ؟!! .
5. هل ثمة من سرِّ يكمن في المقابلة بين ما تنص عليه الرواية من أن عبد الملك قد تهدد على مخالفة أمره في الطراز بالضرب ، و الحبس الطويل . . و بين نصها على أن الإمام قد أمر بالتهديد بالقتل لكل من يخالف ما رسم في أمر السكة و النقود ؟!! .
أحسبُ أن الأمر لا يخلو من شيء ما !! هو الذي اقتضى إظهار الإمام بمظهر القاسي الذي لا يرحم ، و عبد الملك بخلافه !! .
6. يلاحظ : أن الرواية تهتم كثيراً في إعطاء أهمية قصوى لما قام به عبد الملك فهل هو من أجل أن توحي للناس بوجوب أخذ هذا الأمر مأخذ الجد بهدف تصديقه بالنسبة لعبد الملك ، و إبعاد الأنظار عن المتبني الحقيقي لقضية النقود الإسلامية ؟!! كما سيأتي .
إننا سوف نغض النظر عن كل ذلك وسواه من نقاط الضعف ، التي يمكن استخلاصها من هذه الرواية .
و نكتفي بتسجيل نقاط أربع ، رأينا : انها جديرة بالتسجيل نظراً لأهميتها ، و هذه النقاط هي :
أولاً : إن هذه الرواية تنص : على أن ملك الروم قال لعبد الملك : إنه لا ينقش من الدراهم و الدنانير شيء إلا ما كان ينقش في بلاده ، و عبد الملك يصدق بذلك و يخاف منه ؛ حيث إنه لا يمحى سب النبي ( ص ) بعد من مملكة العرب أصلاً .
مع أن الرواية نفسها تنص على أنه كان هناك ثلاث فئات من الدراهم الكسروية المتداولة في ذلك الوقت . . كما أن الدنانير الكسروية كانت متداولة في تلك الفترة بكثرة أيضاً .
فكيف يكون موقفنا من هذا التناقض الموجود في الرواية ؟! .
و لماذا الخوف من عبد الملك ؟!
و لماذا يرفض عملة الروم كلياً و يأمر بتداول النقد الفارسي الكسروي فقط إلى أن يجد الوسيلة التي تضيع على ملك الروم أهدافه و ما كان قد عقد العزم عليه ؟! .
و إذا كان قد أمر بتغيير الطراز ؛ فلماذا لا يأمر بتغيير النقد ؟!
و أين كانت عنه حينئذ فطانته و حنكته المدعاة ؟!
و أيضاً لماذا لا يعلن على الملأ كذب ملك الروم في دعواه تلك ؟! .
و لماذا ؟! و لماذا ؟ إلى آخر ما هنالك .
ثانياً : إن هذه الرواية تنص : على أن أول من ضرب النقد الإسلامي هو عبد الملك ، و قد أكد ذلك و أصر عليه عدد من المؤرخين و الباحثين .
و ذكروا : أن عمر كان قد ضربها في سنة 18ﻫ . على النقش الكسروي ، و وجدت نقود مضروبة في سنة 28ﻫ أي في عهد عثمان على النقش الكسروي أيضاً . و قالوا : إن معاوية أيضاً قد ضرب نقوداً على النقش الكسروي و بعده ضربها مصعب بن الزبير على النقش ذاته فعندهم : أن أول من ضرب النقد الإسلامي هو عبد الملك ، خامس خلفاء الأمويين .
و لكننا لا نستطيع أن نقبل هذا الرأي ، و نحن نرى أن هناك ما يثبت خلافه ، و بعد هذا الرأي عن الصواب . . و يدل على أن أول من ضرب النقد الإسلامي هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، صلوات الله و سلامه عليه . . أما قبله ، فقد أمر عمر بن الخطاب بضرب الدراهم على نقش الكسروية و شكلها باعيانها مع بعض الزيادة الطفيفة و ذلك في سنة ثمانية عشرة [3] .
و مما يدل على أن أمير المؤمنين عليه السلام هو أول من ضرب النقد الإسلامي ، ما قاله جودت باشا : " إن المسلَّم عند أهل العلم : أن الذي أحدث ابتداء ضرب السكة العربية هو الحجاج بأمر عبد الملك ، حين كان والياً على العراق من قبله ( 75 - 76 ) .
و لكن ظهر خلاف هذا عند الكشف الجديد في سنة 1276 ؛ و ذلك أن رجلاً إيرانياً اسمه جواد ، أتى دار السعادة بسكة فضية عربية ، ضربت في البصرة سنة 40 من الهجرة . و الفقير رأيتها بين المسكوكات القديمة عند صبحي بك أفندي ، مكتوب على أحد وجهيها بالخط الكوفي : ﴿ الله الصمد ، لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ﴾ و في دورتها : " محمد رسول الله ، أرسله بالهدى و دين الحق ، ليظهره على الدين كله ، و لو كره المشركون " . و على الوجه الآخر : ﴿ لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ﴾ و في دورتها : " ضرب هذا الدرهم بالبصرة سنة 40 " [4] . انتهى .

و صبحي باشا هو : أحد الوزراء العثمانيين .
و قال الحلواني المدني : لم يثبت في الرواية الصحيحة : أن أحداً من الخلفاء الاربعة ضرب سكة أصلاً إلا علي بن أبي طالب ، فإنه ضرب الدراهم على ما نقله صبحي باشا المورد لي في رسالة له رسم صورة فيها ذلك الدرهم ، و عزا ذلك إلى لسان الدين ابن الخطيب في الإحاطة [5] .
و في نص آخر : " وفي خلافة علي سنة 37 ، وكتب فيها ولي الله ، وفي سنة 38و39 بسم الله ربي ، و في درهم بالخط الكوفي في جانب منها : ﴿ الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ﴾ . و في دورته : محمد رسول الله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، و لو كره المشركون . و في الجانب الآخر : ﴿ لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ﴾ و في دورته ضرب هذا الدرهم بالبصرة سنة أربعين " [6] .
و قال الكتاني : و في مكتبتنا في قسم النقود دراهم مكتوبة بالكوفي عليها ﴿ لا إله إلا الله محمد رسول الله ﴾ . و في آخر الكتابة اسم " علي " ، يقطع الناظر المتأمل فيها ، و في كتابتها ، و نقشها القديم : أنها لعلي بن أبي طالب " [7] .
و نقل السيد الأمين ، و الشيخ عباس القمي ، عن دائرة المعارف البريطانية ، ج 17 ص 904 عند الكلام عن المسكوكات العربية ما ترجمته :
" إن أول من أمر بضرب السكة الإسلامية هو الخليفة علي بالبصرة سنة 40 من الهجرة ، الموافقة لسنة 660 مسيحية ، ثم أكمل الأمر بعده عبد الملك الخليفة سنة 76 من الهجرة الموافقة لسنة 695 مسيحية " [8] انتهى .
و قد وجدت نقود مسكوكة في زمن عبد الملك في سنة 77 ، و هي دينار ذهبي [9] . و في سنة 79 و هو دينار أيضاً . و سنة 80 و هو درهم فضي [10] .
و يلاحظ أن النقش الذي وجد عليها هو بذاته النقش الذي ضربه الإمام علي في سنة 40ﻫ .
و إذا تحقق لدينا أن أول من ضرب النقد الإسلامي هو علي عليه السلام ، و أن عبد الملك عندما واجه تلك المشكلة مع ملك الروم ما بين سنة 74ﻫ و 77ﻫ . إنما رجع ـ بإشارة أحد أحفاد علي ( ع ) ـ إلى ما كان عليه السلام قد بدأه ـ إذا تحقق لدينا ذلك ـ .
و عرفنا : أن معاوية قد عاد و ضرب النقود على السكة الكسروية ، بمجرد استقلاله بالحكم ، و بالذات في سنة 41ﻫ . أي بعد ضرب علي عليه السلام للسكة الإسلامية بسنة واحدة فقط . . فإننا نعرف : أن معاوية قد حاول هو و من تبعه من الأمويين و أشياعهم ، و غيرهم كآل الزبير ـ كما أوضحته المكتشفات من مسكوكاتهم ـ حاول معاوية و هؤلاء ـ طمس السكة الإسلامية التي ضربها الإمام علي عليه السلام ، و إخفاءها ؛ ظلماً للحقيقة ؟ و تجنياً على التاريخ لا لشيء إلا لأن ذلك من آثار علي الذي يكرهونه كل الكره ، و يمقتون كل ما كان من قبله ، و من آثاره .
و قد وجد النقد الذي ضربه معاوية ، و صوّره جرجي زيدان في تاريخ تمدنه ، و صوّره أيضاً صاحب العقد المنير ، و غيرهما . . و إذا به قد استبدل ذلك الذي قد سنّه علي ( ع ) في النقش على النقد . . من ذكر الله و رسوله حسبما تقدم ـ استبدله ـ بنقد [11] نقش عليه صورته متقلداً سيفه .
و في نص آخر : أنه نقش عليه صورته و صورة خالد بن الوليد متقلدين سيفيهما .
و في نص ثالث : أن على أحد وجهيه : تصوير خسروا برويز ، مكتوب على جانبه الأيمن داخل الدائرة بالخط البهلوي " معاوية أمير ورويش نيكان " أي معاوية أمير المؤمنين ، و خارج الدائرة بالخط الكوفي : " بسم الله " و على جانبه الأيسر بالخط البهلوي أيضاً " افزوتو " .
و على الوجه الآخر : تصوير لبيت النار ، و على طرفيه الرجلان المراقبان للنار ، و قد كتب داخل الدائرة على الجانب الأيمن بالخط البهلوي كلمة : " دان " المخففة من دار ابجرد ، مدينة الضرب ، و على الجانب الأيسر : " يه جهل " أي 41 سنة الضرب [12] .
و هكذا . . يتضح أن معاوية قد حاول أن يعجل في محو كل ما هو من آثار علي و لو كان ذلك بالعودة إلى نقش بيت النار ، و غير ذلك مما تقدم و إذا كان ذلك ليس غريباً على الحجاج بالنسبة لمصعب ، حيث غير السكة التي ضربها مصعب ، و قال : " ما نبقى من سنة الفاسق أو المنافق شيئاً " [13] . . فما الذي يجعل ذلك غريباً على معاوية الذي جعل سب علي على المنابر سنة يهرم عليها الكبير و يشب عليها الصغير؟! .
ثالثاً : إن هذه الرواية تقول : إن الإمام الباقر هو الذي أمر عبد الملك بذلك . و إن روح بن زنباغ إنما أشار على عبد الملك به . . و هذا غير معقول :
لأن البعض يقول : إن عبد الملك قد ضرب النقود سنة 74ﻫ [14] .
و البعض الآخر يقول : إنه ضربها في سنة 75ﻫ [15] و فريق ثالث يرى أن ذلك كان في سنة 76ﻫ ، و قال البلاذري : " عبد الملك بن مروان أول من ضرب الذهب و الورق بعد عام الجماعة" [16] و على كل حال فإنهم متفقون على أن ضرب عبد الملك للنقود كان ما بين الـ74و77 وعليه فإننا إذا ما أضفنا إلى ذلك : أن ولادة الباقر( ع ) كانت في سنة 57ﻫ . و وفاة والده زين العابدين ( ع ) كانت سنة 94ﻫ .
فإننا سنرى : أن عُمْرَ الباقر حين ضرب النقود كان ما بين 17 و 19 سنة ؛ فهو في مقتبل عمره ؛ و لم يكن له بعد من الشهرة ما يغطي على شهرة أبيه ، و لا من الشخصية ما يضارع شخصيته ، و لا كان ذكره قد سار في الآفاق بحيث يغطي على أبيه ، إلى حد أن يهمل أمره ، و تذهب منزلته لا سيما و أن أباه كان يتمتع باحترام كبير جداً ، و شهرة واسعة ، فاقت كل ذلك الذي منحه الناس و بالأخص الأمويون لأي من أبنائه ، بل و حتى آبائه الطاهرين .
فالظاهر : أن صاحب هذه القضية مع عبد الملك هو الإمام زين العابدين بالذات ، و ليس هو الإمام الباقر ( ع ) .
قال الصعدي : " قال في الانتصار : و أول من ضرب الدراهم في الإسلام عبد الملك بن مروان سنة خمس و سبعين من الهجرة ، و كان السبب في ذلك : أن القرطاس كان يحمل إلى الروم ، و كان يكتب على عنوانه : لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم . فشق ذلك على صاحب الروم لما كان كافراً ؛ فكتب إلى عبد الملك : أما أن تزيلوا ما تكتبون على القرطاس ، أو يأتيكم على الدراهم ما تكرهون . فتحير عبد الملك في الجواب ؛ فاستحضر علي بن الحسين زين العابدين ؛ فاستشاره في ذلك .
فقال : حَرِّم التبايع إلا بما تضربه من الدراهم ، فبطل بذلك كيد صاحب الروم . فأمر أن يكتب عليها ﴿ قل هو الله أحد ﴾ إلى آخر السورة غيظاً للروم " انتهى ، و في الشفاء نحو حديث الدراهم [17] .
و قد صرح بذلك الشهيد رحمه الله في البيان ، في باب زكاة النقدين ، حيث قال : " و الدنانير في الدينار بزنة المثقال ، و هو لم يختلف في الإسلام و لا قبله ، و في الدرهم : ما استقر عليه في زمن بني أمية بإشارة زين العابدين الخ . . " [18] .
و حكى في الوسائل ذلك عنه في الذكرى .
كما أن صاحب الجواهر قد صرح في كتاب الزكاة ، في مسألة أن عشرة دراهم سبعة مثاقيل : بأن ذلك كان بإشارة زين العابدين عليه السلام .
و قال ابن كثير وهو يتحدث عن السجاد : " و قد استقدمه عبد الملك بن مروان مرة أخرى إلى دمشق ، فاستشاره في جواب ملك الروم عن بعض ما كتب إليه في أمر السكة ، و طراز القراطيس . . " [19] .
و يؤيد ذلك : ان في بعض نسخ المحاسن و المساوئ قوله : " الباقي من أهل بيت النبي " . بدل : الباقر من . . . الخ . . و قوله : إلى موافاته علياً ؛ فلما وافاه أخبره الخبر ؛ فقال له علي الخ . . " بدل قوله : موافاة محمد بن علي . . و فقال له محمد بن علي الخ . . [20] .
لكن باقي ما في الرواية بقى على حاله .
و بعد كل الذي قدمناه نقول : إن كون زين العابدين هو المشير على عبد الملك هو الحق الذي لا محيص عنه .
بقى علينا أن ننظر في الأمر الرابع و الأخير ؛ فنقول : و أما :
رابعاً : فلقد ذكرت هذه الرواية : أن عبد الملك قد أمر عامله على المدينة : أن يعطي الباقر !! مئتي ألف درهم لجهازه ، و ثلاثة مئة ألف درهم لنفقته !! .
فلماذا هذا السخاء العظيم من عبد الملك ؟!
فهل هو لأجل نفي تهمة البخل عنه ، و التي جعلت المؤرخين يعتبرونه أول من بخل ، حتى كان يقال له : رشح الحجر ؛ لبخله [21] ؟!
أم إننا يمكن أن نصدق : بأن ذلك أمر طبيعي ، تقتضيه الحاجة و لا سيما بملاحظة أن الإمام لابد و أن يصطحب معه جماعة من أصحابه ، يحتاجون إلى مثل هذه النفقة و مثل ذلك الجهاز ؟! .
هل يمكن أن نصدق ذلك ، و نحن نرى الشعراء ، و غيرهم يسافرون المسافات الطويلة ، و التي لا تقل عن هذه المسافة ، طمعاً بالألف درهم ، فما دون ؟! . . و أي قافلة مهما عظمت تحتاج على عشر هذا المبلغ ، بل إلى أقل منه بكثير فيه وقت كانت النقود في ذات قيمة عظيمة ، و القليل منها يقضي من الحاجات الكثير ؟! و إذا كان هذا السخاء غير طبيعي و لا مقبول . . فهل يقصد من إظهاره التدليل على مدى اهتمامه بالإسلام ، و غيرته على المسلمين ؟! .
أم أن المقصود منه مجرد التعظيم التهويل ، ليدخل في روع الناس أن عبد الملك هو أول من ضرب النقود الإسلامية حقاً ؟! .
أم إنهم يريدون أن يلفتوا الأنظار إلى حسن سلوك عبد الملك و حقيقة معاملته و إحسانه حتى لألد خصومه ، و خصوم دولته . . العلويين ؟!!
إن ما بأيدينا من الدلائل و الشواهد يؤيد هذا الاحتمال الأخير ويدعمه . ولكن وأياً كانت الحقيقة فإن النتيجة التي نستطيع أن نستخلصها بعد جولتنا هذه ، و الرأي الذي يمكننا أن نطمئن إليه في هذه القضية هو :
1. إن عبد الملك ليس هو أول من ضرب النقود الإسلامية و إنما الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام .
2. إن معاوية في محاولته لطمس ذلك و إخفائه قد عاد و ضرب النقود على النقش الكسروي .
3. إن قضية عبد الملك مع ملك الروم ـ بعد تطهيرها من تلك الشوائب التي علقت بها عمداً أو عن غير عمد ـ قد أربكت عبد الملك ، فاستشار السجاد ، و ليس الباقر ؛ فأشار عليه بأن يعود إلى ما رسمه علي عليه السلام من ضرب النقود بالسكة الإسلامية ، و أن ينقش عليها نفس ما نقشه علي عليه السلام ؛ ففعل عبد الملك ذلك .
جعفر مرتضى العاملي
23/صفر/1396ﻫ .
[1] نوع من البُرُد ، و يقال للصحيفة قرطاس أيضاً .
[2] راجع : المحاسن و المساوئ ـ للبيهقي ـ : ج 2 ص232 فما بعدها ط القاهرة ، و ط صادر ص 468 و هامش اللمعة ـ ط النجف ـ : ج 1 ص 51 فما بعدها ، و تاريخ التمدن الإسلامي : المجلد الاول ص 136 و أكملها ص 140 و حياة الحيوان : ج1 ص53 فما بعده ، و الإمام الصادق و المذاهب الأربعة : المجلد الأول ص 459 عنه ، و عن العقد المنير : ص 18 ، و هامش ص 7 من شذور العقود . . و نسبها ابن الأثير و أبو هلال العسكري في الأوائل ، و السيوطي و غيرهم لخالد بن يزيد الأموي . و هو خطأ و القصة موجودة أيضاً في أعيان الشيعة .
[3] المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام : ج7 ص499 .
[4] التراتيب الإدارية : ج1 ص421و422 ، و العقد المنير : ج1 ص44 . و حول ما كتب على النقود راجع : تاريخ الخلفاء : ص217 أيضاً .
[5] التراتيب الإدارية : ج 1 ص 418/419 عن رسالة نشر الهذيان من تاريخ جرجي زيدان : ص5 .
[6] التراتيب الإدارية : ج1 ص420 عن وفيات الأسلاف : ص361 .
[7] التراتيب الإدارية : ج1 ص422 .
[8] أعيان الشيعة : ج3 ص599 ذيل حالات امير المؤمنين ( ع ) ، تحت عنوان : " أول من ضرب السكة الإسلامية " ، و هدية الأحباب للقمي : ص111 عند ذكر البيهقي لكن الأول ذكر : أن طبعة دائرة المعارف هي الـ 23 و الثاني ذكر أنها الـ 13 ، و ليراجع : العقد المنير : ج1 ص45 .
[9] العقد المنير : ج1 ص52 عن كتاب الدينار الإسلامي : ص18/19 ، و مجلة المقتطف : جزء 9 من المجلد الرابع .
[10] مستمسك العروة الوثقى : ج1 ص571/570 ط3 .
[11] راجع : التراتيب الإدارية : ج1 ص 419 و 422 ، و ج 2 ص 69 عن المواهب الفتحية في علوم اللغة العربية : ج1 ص 253 و 152 ، و عن تاريخ جودت باشا : المقدمة ص 274 .
[12] راجع : تاريخ التمدن الإسلامي : ج1 ص135 ، و العقد المنير : ج1 ص194 تجد صورة هذا النقد ، و صرح المقريزي أيضاً بعودة معاوية إلى النقد الكسروي . فراجع .
[13] راجع : العقد المنير : ج1 ص47 عن النقود العربية : ص33 . و راجع : نور القبس : ص 296 ، و فتوح البلدان ـ للبلاذري القسم الثالث ، بتحقيق صلاح الدين المنجد ـ : ص 475 ، و العراق في العصر الأموي : ص82 عن المقريزي في شذور العقود .
[14] فتوح البلدان ـ للبلاذري ـ : قسم 3 ص 574 و 575 ، و التراتيب الإدارية : ج1 ص421 ، و العقد المنير : ج1 ص49 .
[15] مآثر الانافة : ج 3 ص 345 ، و تاريخ الخلفاء : ص 218 ، و البحر الزخار : ج 3 ص 50 عن التخليص عن ابن سعد في الطبقات ، و التراتيب : ج 1 ص 417 و 421 عن الطبقات ، و عن المدائني .
[16] فتوح البلدان ـ للبلاذري القسم الثالث ـ : ص576 .
[17] راجع : جواهر الأخبار و الآثار ـ المطبوع بهامش البحر الزخار ـ : ج3 ص150 .
[18] البيان : ط هجرية ص185 .
[19] البداية و النهاية : ج9 ص104 .
[20] العقد المنير : ج1 ص72/73 .
[21] مآثر الانافة في معالم الخلافة : ج 3 ص 346 .





المصدر -- صاحب البحث

السيد جعفر مرتضى العاملي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رمزي غازي فيصل
مدير المنتدى
مدير المنتدى
رمزي غازي فيصل


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 396
نشاط العضو : 665
تاريخ التسجيل : 11/10/2009
الموقع : بغداد-العراق

ضرب النقود في الأسلام .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: ضرب النقود في الأسلام ..   ضرب النقود في الأسلام .. I_icon_minitime2009-12-25, 18:04

الف شكر استاذ صادق على هذا الموضوع الرائع
وشكرا جهودك بارك الله فيك
تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.banknotebank.com/user_view.aspx?id=ramzigfaisal
صادق الصافي
عضو فضي
عضو فضي
صادق الصافي


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 206
نشاط العضو : 580
تاريخ التسجيل : 13/10/2009
الموقع : مملكة النرويج - norway

ضرب النقود في الأسلام .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: ضرب النقود في الأسلام ..   ضرب النقود في الأسلام .. I_icon_minitime2009-12-26, 06:54

تحياتي لك اخي استاذ رمزي
دمت بخير وسلامه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جمعية الطوابع العراقية
مدير المنتدى
مدير المنتدى
جمعية الطوابع العراقية


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 2451
نشاط العضو : 3975
تاريخ التسجيل : 11/10/2009
الموقع : بغداد - بريد القشلة - العراق

ضرب النقود في الأسلام .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: ضرب النقود في الأسلام ..   ضرب النقود في الأسلام .. I_icon_minitime2011-08-02, 08:41



ضرب النقود في الأسلام .. 90242887



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.iraqphilcoins.com
hydrani
مشرف
hydrani


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 2748
نشاط العضو : 3144
تاريخ التسجيل : 14/09/2011

ضرب النقود في الأسلام .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: ضرب النقود في الأسلام ..   ضرب النقود في الأسلام .. I_icon_minitime2011-12-22, 20:30

مشكور عل الجهود الرائعه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
atraia
VIP
VIP
atraia


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 5965
نشاط العضو : 14750
تاريخ التسجيل : 14/09/2010
الموقع : سلطنة عمان

ضرب النقود في الأسلام .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: ضرب النقود في الأسلام ..   ضرب النقود في الأسلام .. I_icon_minitime2012-04-30, 23:27

مشكور أخي صافي على العرض الرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ضرب النقود في الأسلام ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تسلسل سنوات السك للعملات المعدنية في عصر صدر الأسلام والعهد الأموي
» قطعه تشبه النقود
» قصة النقود الأسلامية القديمة ....
» كتاب التاريخ النقود العراقية
» النقود المغربية لسنة 1977

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جمعية الطوابع والمسكوكات العراقية :: المسكوكات المعدنية :: المسكوكات العربية-
انتقل الى: