مسكوكات وطوابع وقطع نقود قديمة ......
ما الذي يشد الانسان الى الماضي وتستهويه لعبة اقتناء الممتلكات القديمة وما ورثه اسلافه، حتى لو كان ذلك قطعة نقود صغيرة لا تساوي، اليوم شيئاً ذا قيمة كما يتصور البعض، هل انها هواية كهواية جمع الطوابع البريدية العتيقة التي يعود بعضها الى عصر الفاتيكان او البرازيل التي سبقت الامم في استعمالها منذ عام 1949.
حسين جبر حسان الكناني ......
هو أقدم بائع زاول هذه المهنة (بيع الطوابع والنقود القديمة) منذ أكثر من خمسة عقود يجلس أمام بضاعته التي حشرها في (جامخانة). هذه البضاعة هي خليط غير متجانس من قطع نحاسية، واخرى فضية واوراق نقدية تحمل صور ملوك، وامراء ورؤساء منذ عصر الخليفة المستظهر بالله الذي ابتكر الدينار (وهو عبارة عن قطعة مسكوكة) من الذهب وزنها 9/1 غم وقطرها 21 ملم (كما قدمها لي في ارشيفه من الصور) حتى مرحلة التزوير ابان حكم صدام حسين. هذا الرجل (ابو حيدر) الخبير بحكم عمله ، يتحدث لك عن ادق التفاصيل عن تاريخ النقود القديمة والمسكوكات وانواعها والطوابع وهواتها، وسبب ازدياد الاقبال على العملات المزورة التي تحمل صور طاغية العراق المخلوع.
اجلت النظر في ما تحتويه (بسطيته) من عملات ملكية وجمهورية بدءاً من الفلس الاحمرو الاقران (20 فلساً) الى الاوسمة والانواط ووسام تتويج الملك. قبل ان اسأله عن سر اختياره لهذه المهنة. وهواتها وكيفية الحصول عليها، تحدث الرجل عن تاريخ النقود والمسكوكات والطوابع البريدية ورواجها والاقبال عليها واهميتها لدى شعوب العالم، وعندنا في العراق حصراً اذ قال: بعد احداث التاسع من نيسان بدأت النقود التي تحمل صورة صدام حسين وانواطه واسلحته ونياشينه هي الاكثر رواجاً وصار الباعة يبتكرون لها البومات خاصة وتباع بأسعار خيالية.
* من هم الاكثر اقبالاً عليها؟
قلت له ممازحاً:
- هذه هي المفارقة التي لا نعرف سرها، كما لا نعرف سر ظهورها بعد ان سمعنا انها (اي هذه العملة) احرقت بعد صدور عملتنا الجديدة الجميلة!
* من اين تحصلون على العملات القديمة والتي يعود تاريخها الى ما قبل الزمن العثماني؟!
- اعتقد ان الاجابة لا تحتاج الى صعوبة بالغة فهذا الاهتمام بالمواد القديمة لا سيما العملات والمسكوكات الذهبية منها والفضية موجود في كل بلدان العالم. فهناك هواة كثيرون يهتمون بجمع وحفظ هذه المسكوكات التي تعد كنزاً من كنوز تراثنا الوطني الذي فقد الكثير منها بعد احداث 9 نيسان ولكنها تصلنا من خلال بعض عوائل الهواة وابنائهم وربما لأنهم لا يعرفون قيمتها. ولكن كما اعرف قام كبار هواة المسكوكات القديمة بحفظ بعض هذه المسكوكات وتقديمها الى المتحف العراقي على حد علمي وبحكم عملي في مطلع السبعينيات بإعتبارها تشكل ارثاً من تراثنا العربي وربما فقدت كما فقدت الكثير من كنوز تراثنا وارثنا الحضاري.
* ما علاقة الطوابع بالمسكوكات؟!
- ثمة علاقة كبيرة بين هواة الطوابع وهواة المسكوكات ذلك لأن من الطوابع ما حملت صور مسكوكات قديمة ، وكلما كانت المسكوكات او النقود والطوابع قديمة ازداد طلب التجار والهواة عليها وبالتالي تكون اسعارها باهظة الثمن.
* كيف يتم تقييم مثل هذه العملات او المقتنيات؟
- هناك بعض العملات يجري تقييمها حسب قدمها والطلب او الاقبال عليها وندرتها ولكن هناك قطع معدنية مثل الاقران المصنوع من الفضة والفلس الاحمر النحاس والليرة والربية وهي من العملات النادرة وطبيعي ان تكون لها قيمة مختلفة.
* هل هناك عملات ملغية يحظر تداولها في السوق؟!
- نحن لا نتعامل مع المحظورات. ولكن لا اكتمك سراً ، كان كل شيء ما قبل احداث 9-4 محظوراً اما اليوم وقد انفتحت آفاق اوسع لنا بدأنا نطالب بتأسيس مبنى لجمعيتنا. وفي نفق العمارة المقابلة لجدارية (نصب الحرية) في ساحة التحرير دخلت وكان السيد عامر ابراهيم ووجدت اكواماً من عملات عراقية تحمل صورة (القائد) وبفئات مختلفة، رحب الرجل وقال بوسعك ان تجلب معك مصوراً ليلتقط صوراُ لها، واعطاني نماذج منها فئة عشرة آلاف وخمسة آلاف ودينار واحد. قلت له ممازحاً: الا تخاف على هذه المليارات المزورة من النهب والحرق؟!
- ربما اكون مليونيراً حقيقيا، لأن مجرد حرقها سيجعل ارتفاع اسعارها مضموناً في الاسواق العالمية لأنني سأتسلم المزيد من الطلب عليها.
* ماذا تمثل لك هذه المهنة او الهواية ان صح التعبير؟!
- كلما ازدادت الحياة تعقيداً يبتكر الانسان وسيلة لتوسيع سبل افضل للحياة واكثر سهولة. واعتقد ان عملنا في هذه المهنة يعد تعويضاً لما خسرته البلاد من ثروة تراثية وطنية منذ اكثر من ثلاث حقب من حكم الطاغية الذي فرط بثروات البلاد وكنوز المسكوكات الاسلامية ومنها ما هو مصنوع من الذهب وآخر من الفضة واخر يعود لأدوار سياسية مختلفة من تاريخ العراق واذا اهتمت بنا الحكومة الجديدة واسست لنا جمعية مرتبطة بدوائر حفظ التراث فإننا بخبرتنا ربما نساهم بإعادة جزء من خسارة البلد الذي يتطلع الى مستقبل مشرق.
------------------------------------------------------------------------------------------------ جريدة المدى -عبداللطيف الراشد